بتصويت الجمعية العامة.. أمل فلسطين بالانضمام للأمم المتحدة يواجه العراقيل الأمريكية
بتصويت الجمعية العامة.. أمل فلسطين بالانضمام للأمم المتحدة يواجه العراقيل الأمريكية
في لحظة تاريخية تعزز العدالة وتعكس التضامن الدولي، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يؤيد طلب عضوية فلسطين في المنظمة الدولية، هذا القرار يأتي في وقت تواجه فيه القضية الفلسطينية تحديات عديدة ويشهد تصاعدًا في الصراعات في المنطقة.
وبأغلبية 143 صوتا اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الجمعة، قرارا يدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في الطلب، كما يحدد طرقا لإعمال حقوق وامتيازات إضافية تتعلق بمشاركة فلسطين بالأمم المتحدة.
صوت لصالح القرار، الذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة -بصفتها رئيسة المجموعة العربية خلال الشهر الحالي- 143 عضوا وعارضه 9 فيما امتنع 25 عن التصويت، ولاعتماد القرار تطلب الحصول على تأييد ثلثي عدد الدول الأعضاء الحاضرة التي تقوم بالتصويت.
ويعد القرار مهما نظرًا لأن تأييد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الشرعية الدولية للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، ويعتبر هذا القرار استمرارًا للدعم الدولي للفلسطينيين في سعيهم لتحقيق الاعتراف بدولتهم وحقوقهم الوطنية.
ولكن، لم تنتهِ رحلة فلسطين بعد. فما زال عليها اجتياز عقبة مجلس الأمن، حيث من الممكن أن تُستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لعرقلة طلبها.
ويرى حقوقيون أنّ التصويت الساحق في الجمعية العامة يرسل رسالة قوية مفادها أن العالم يقف إلى جانب فلسطين، فإذا مارست الولايات المتحدة حق النقض، ستُواجه موجة واسعة من الانتقادات الدولية، وستُظهر موقفًا معارضًا صريحًا لحقوق الشعب الفلسطيني، ممّا قد يُعيق جهود السلام في المنطقة على المدى الطويل، وأن هذا هو الوقت المناسب لكي تُظهر الولايات المتحدة التزامها بحل الدولتين العادل والدائم.
تتبنى الدول العربية موقفًا قويًا يؤكد حق فلسطين في العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وذلك كجزء من التزامها بقضية فلسطين وحقوق شعبها. وقد يظهر هذا الدعم بشكل واضح في المواقف والتصريحات الرسمية للدول العربية في المناسبات الدولية والمحافل الدبلوماسية.
بالإضافة إلى الدعم السياسي، تقدم الدول العربية دعمًا ماليًا واقتصاديًا لفلسطين لدعم جهودها في بناء مؤسساتها وتعزيز قدراتها في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. وتعمل الدول العربية أيضًا على تعزيز التضامن العربي مع فلسطين من خلال تنظيم القمم العربية والمبادرات الإنسانية والتنموية التي تستهدف دعم الشعب الفلسطيني.

رحلة فلسطين نحو عضوية الأمم المتحدة
خطوات تاريخية وتحديات مستمرة منذ عام 1948، سعت دولة فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، إيمانًا منها بأهمية الاعتراف الدولي بحقوقها المشروعة ونضالها العادل.
وشهدت هذه الرحلة العديد من المحطات الهامة، واجهت خلالها فلسطين تحديات جمة، إلا أنها لم تتوانَ عن السعي الدؤوب لتحقيق أهدافها. في ما يلي، نستعرض أبرز محطات التصويت على طلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة:
عام 1949: تقدمت فلسطين بطلب للحصول على عضوية الأمم المتحدة للمرة الأولى، لكنّ طلبها قوبل برفض من مجلس الأمن.
عام 1988: أعلنت دولة فلسطين استقلالها من طرف واحد، وبدأت في السعي للحصول على اعتراف دولي واسع.
عام 2011: تقدمت فلسطين بطلب للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، لكنّ طلبها واجه معارضة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
عام 2012: صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة لصالح منح فلسطين صفة دولة مراقبة غير عضو، ممّا يُعدّ انتصارًا دبلوماسيًا هامًا.
عام 2015: انضمت فلسطين إلى اتفاقية روما، ممّا مكّنها من الانضمام إلى العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
تحديات تواجهها فلسطين
وقال مدير المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، إنه قرار جيد لولا أن هناك تحديات على رأسها ترصد أمريكا ومن ثم إجهاض القرار كما في كل مرة، وبعد قرار الجمعية العامة بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، يتعرض الوضع الفلسطيني لمجموعة من التحديات المستقبلية المحتملة، قد يؤدي قرار الجمعية العامة إلى زيادة التوتر في المنطقة، وتصاعد التهديدات الأمنية التي تواجهها فلسطين، مما يشمل العنف والاعتداءات الإرهابية، ومن المحتمل أن يعزز قرار الجمعية العامة الدعوات لوقف الاستيطان الإسرائيلي، ولكن قد تظل التحديات قائمة في تنفيذ هذا الوقف والتصدي للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي.
وأضاف عبد الكبير، في تصريحات لـ"جسور بوست"، قد تواجه فلسطين صعوبات في استئناف المفاوضات السياسية مع إسرائيل، نظرًا لتجاهل بعض الجهات الإسرائيلية الالتزام بالقرارات الدولية، كما تحتاج فلسطين إلى دعم دولي واستثمارات لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقد تواجه صعوبات في جذب هذا الدعم وتحقيق التنمية المستدامة.
واستطرد، على الرغم من قرار الجمعية العامة، قد تواجه فلسطين تحديات في الحفاظ على الدعم الدولي المستمر، نظرًا لتغير التوجهات السياسية في بعض الدول أو تأثرها بالتحديات الدولية الأخرى، كما قد تواجه فلسطين تحديات قانونية في استثمار عضويتها الجديدة في الأمم المتحدة، مع مواجهة معارضة من بعض الدول أو إجراءات تعطيلية في المنظمة.

مصطفى عبد الكبير
وأتم، يجب أن يتم التركيز على استغلال هذه الفرصة لتعزيز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية والسعي لتحقيق حل سلمي وعادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ما يجب أن تفعله السلطة الفلسطينية
وقال خبير القانون الدولي، كمال يونس، إنه وبعد اعتماد القرار الذي يؤكد ضرورة انضمام فلسطين كعضو كامل في الأمم المتحدة، هناك سلسلة من الخطوات التي يمكن أن تتبعها فلسطين لتحقيق هذا الهدف، يتعين على السلطة الفلسطينية تقديم طلب رسمي للانضمام إلى الأمم المتحدة، مع تقديم الوثائق والمستندات المطلوبة والتعبير عن الالتزام بمبادئ الميثاق الأممي، يجب أن يتناقش مجلس الأمن في الطلب المقدم من فلسطين وأن يصدر توصياته بشأن القضية، مع مراعاة الفيتو الذي قد يعرقل المسار، يمكن تحويل الطلب إلى اللجنة الدولية للاعتراف التي ستدرس الأهلية القانونية والسياسية لفلسطين للانضمام إلى الأمم المتحدة.
وأضاف يونس، في تصريحات لـ"جسور بوست"، سيتم مناقشة وتصويت طلب الانضمام في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مع الحاجة إلى قبول الطلب بأغلبية عامة من أعضاء الجمعية، فبمجرد قبول الطلب، ستحصل فلسطين على الاعتراف الدولي كدولة عضو في الأمم المتحدة، مع حصولها على حقوق وامتيازات تابعة للدول الأعضاء الأخرى، وبعد الانضمام إلى الأمم المتحدة، يمكن لفلسطين البدء في الانضمام إلى الهيئات والمنظمات الدولية الأخرى وتوقيع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

كمال يونس
وأتم، مع الإشارة إلى أن التحقيق الفعلي للعضوية في الأمم المتحدة قد يتطلب وقتًا وجهودًا إضافية ويمكن أن يواجه تحديات سياسية وقانونية.
أمور يجب أخذها في الاعتبار
بدورها، علقت الحقوقية المصرية عزة سليمان، بقولها: بعد دراسة وتحليل للعديد من العوامل التي قد تؤثر على تحقيق انضمام فلسطين الكامل إلى الأمم المتحدة، يظهر أن هناك عدة جوانب يجب أخذها في الاعتبار، تتضمن هذه العوامل السياسة الدولية، حيث يمكن أن تكون الديناميات السياسية والتوازنات عاملاً مؤثرًا في تحقيق هذا الهدف، أيضًا من الضرورة أن نضع في اعتبارنا النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وضرورة التوصل إلى اتفاق سلمي يحقق حل الدولتين، من جانبها، يلعب الدعم الدولي والعلاقات الإقليمية دورًا مهمًا في هذه العملية، حيث يتعين على فلسطين الحصول على دعم سياسي واقتصادي من الدول الأعضاء والمجتمع الدولي.

عزة سليمان
وأضافت “سليمان”، في تصريحات لـ"جسور بوست"، كما يجب أن ننظر إلى الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة مستقلة وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على فرص نجاح الطلب، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، ينبغي التركيز على التفاوض والحوار المستمر بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والمجتمع الدولي، هذا يتطلب تعاونًا مستمرًا وجهودًا مشتركة للوصول إلى حلول سلمية وعادلة تحقق مطالب الجميع، يجب أن ندرك أن هذه العوامل قد تتفاعل وتتغير مع مرور الوقت وتطورات السياسة والاقتصاد والاجتماع ولذلك، من الصعب تحديد النتائج المحتملة بدقة، حيث إن العملية ستكون معقدة ومحاطة بتحديات وتأثيرات متعددة.